شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
بيان صفة النِّيل ومنتهاه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-
صفة النيل ومنتهاه.
قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن عباد بن سرحان بن مسلم المعافري الشاطبي اسم> قال: أخبرنا الشيخ الرئيس الزكي الحضرة أبو الرجاء إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد الحداد اسم> قراءة عليه ونحن نسمع قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن فاذويه اسم> إجازة إن لم يكن سماعا قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان اسم> قال: حدثنا أحمد بن هارون بن روح أبو بكر اسم> قال: حدثنا علي بن الوليد بن محمد بن الجراح اسم> ابن أخي وكيع اسم> ثقة، حدثنا يونس بن بكير اسم> قال: حدثني محمد بن إسحاق اسم> قال: حدثني سعيد بن يزيد اسم> أحسب أنه أبو شجاع المصري اسم> عن عبد الله بن مغيث اسم> مولى الزبير اسم> عن أبي هريرة اسم> رضي الله عنه، قال: سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> إن النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يمج لوجدتم فيه من ورقها رسم> .
قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح اسم> قال: حدثنا علي بن داود القنطري اسم> شيخ القنطري اسم> شيخ بها ذكره ابن بطال اسم> في الثقات وقال الخطيب اسم> كان ثقة ابن داود اسم> قال: حدثنا عبد الله بن صالح اسم> قال: حدثني الليث بن سعد اسم> رحمه الله تعالى قال: زعموا والله أعلم أنه كان رجل من بني العيص يقال له حائد بن أبي سالوم بن العيص بن أبي إسحاق بن إبراهيم اسم> وأنه خرج هاربا من ملك من ملوكهم حتى دخل أرض مصر اسم> فأقام بها سنين فلما رأى أعاجيب نيلها وما يأتي به جعل لله عليه أن لا يفارق ساحله حتى يبلغ منتهاه ومن حيث يخرج أو يموت قبل ذلك، فسار عليه فقال بعضهم ثلاثين سنة في الناس وثلاثين سنة في غير الناس، وقال بعضهم: خمسة عشر كذا وخمسة عشر كذا حتى انتهى إلى بحر أخضر فنظر إلى النيل ينشق مقبلا فصعد على البحر فإذا برجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح فلما رآه استأنس به وسلم عليه.
فسأله الرجل صاحب الشجرة فقال له: من أنت؟ قال: أنا حائد بن أبي سالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم اسم> فمن أنت؟ قال: أنا عمران بن فلان بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم اسم> فما الذي جاء بك هاهنا يا حائد اسم> ؟ قال: جئت من أجل هذا النيل، فما جاء بك يا عمران اسم> ؟ قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت إلى هذا الموضع فأوحى الله -عز وجل- إلي أن قف في هذا الموضع حتى يأتيني أمره فقال له حائد اسم> أخبرني يا عمران اسم> ما انتهى إليك من أمر هذا النيل وهل بلغك أن أحدا من ابن آدم يبلغه؟ قال له عمران اسم> نعم، قد بلغني أن رجلا من ولد العيص اسم> يبلغه ولا أظنه غيرك يا حائد اسم> فقال له حائد اسم> يا عمران اسم> أخبرني كيف الطريق إليه؟ قال له عمران اسم> لست أخبرك بشيء إلا أن تجعل لي ما أسألك قال: وما ذاك يا عمران اسم> قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحى إلي بأمره أو يتوفاني فتدفنني، وإن وجدتني ميتا دفنتني وذهبت قال له: ذلك لك علي.
فقال له: سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابة ترى آخرها ولا ترى أولها فلا يهولنك أمرها اركبها فإنها دابة معادية للشمس، إذا طلعت أهوت إليها لتلتقمها حتى تحول بينها وبين حجبتها فإذا غربت أهوت إليها لتلتقمها تذهب بك إلى جانب البحر فسر عليها زحفا حتى تنتهي إلى النيل فسر عليها فإنك ستبلغ أرضا من حديد، حياتها وأشجارها وسهولها حديد، فإذا أنت جزتها وقعت في أرض من نحاس جبالها وأشجارها وسهولها من نحاس، فإن أنت جزتها وقعت في أرض من فضة جبالها وأشجارها وسهولها من فضة، فإن أنت جزتها وقعت في أرض من ذهب جبالها وأشجارها وسهولها من ذهب فيها ينتهي إليك علم النيل.
قال: فسار حتى انتهى إلى الأرض الذهب فسار فيها حتى انتهى إلى سور من ذهب وشرفة من ذهب وقبة من ذهب له أربعة أبواب، ونظر إلى ما ينحدر من فوق ذلك السور حتى يستقر في القبة ثم يتفرق في الأبواب الأربعة فأما ثلاثة فتفيض في الأرض، وأما واحد فينشق على وجه الأرض وهو النيل فشرب منه واستراح وانهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك فقال له يا حائد اسم> قف مكانك فقد انتهى إليك علم هذا النيل وهذه الجنة وإنما ينزل من الجنة فقال: أريد أن أنظر ما في الجنة فقال: إنك لن تستطيع دخولها اليوم يا حائد اسم> قال: فأي شيء هذا الذي أرى قال: هذا الفلك الذي يدور فيه الشمس والقمر وهو شبه الرحى قال: إني أريد أن أركبه فأدور فيه قال بعض العلماء: إنه قد ركبه في دار الدنيا وقال بعضهم: لم يركب فقال له: يا حائد اسم> إنه سيأتيك من الجنة رزق فلا تؤثرن عليه شيئا من الدنيا، فإنه لا ينبغي لشيء من الجنة يؤثر عليه شيء من الدنيا إن لم يؤثر عليه شيء من الدنيا بقي ما بقيت قال: فبينا هو كذلك واقفا إذ نزل عليه عنقود من عنب فيه ثلاثة أصناف لون كالزبرجد الأخضر ولون كالياقوت الأحمر ولون كاللؤلؤ الأبيض.
ثم قال: يا حائد اسم> أما إن هذا من حصرم الجنة وليس من طيب عنبها فارجع يا حائد اسم> فقد انتهى إليك علم النيل فقال: هذه الثلاثة التي تغيض في الأرض ما هي قال: أحدها الفرات والآخر الدجلة والآخر جيحان فارجع فرجع حتى انتهى إلى الدابة فركبها فلما هوت الشمس لتغرب قذفت به من جانب البحر فأقبل حتى انتهى إلى عمران اسم> فوجده حين مات فدفنه وأقام على قبره ثلاثا، فأقبل شيخ متشبه بالناس أغر من السجود فبكى على عمران اسم> ثم أقبل على حائد اسم> فسلم عليه ثم قال: يا حائد اسم> ما انتهى إليك من علم هذا النيل فأخبره فلما أخبره قال له الرجل: هكذا نجده في الكتب ثم أطرى ذلك التفاح في عينه فقال: ألا تأكل منه قال: معي رزقي قد أعطيته من الجنة، ونهيت أن أوثر عليه شيئا من الدنيا فقال: صدقت يا حائد اسم> ولا ينبغي لشيء من الجنة يؤثر عليه شيء من الدنيا، وهل رأيت في الدنيا مثل هذا التفاح إنما أنبت في أرض ليست في الدنيا وإنما هذه الشجرة أخرجها الله -عز وجل- لعمران اسم> من الجنة يأكل منها وما تركها إلا لك، ولو قد وليت عنها لقد رفعت فلم يزل يطريها في عينه حتى أخذ منها تفاحة فعضها فلما عضها عض على يده فقال: تعرفه هذا الذي أخرج أباك من الجنة، أما إنك لو سلمت بهذا الذي كان معك لأكل منه أهل الدنيا قبل أن ينفد فهو مجهودك أن يبلغك فكان مجهوده أن بلغه فأقبل حائد اسم> حتى دخل أرض مصر اسم> فهو مجهودك أن يبلغك فكان مجهوده أن بلغه فأخبرهم بهذا فمات حائد اسم> بأرض مصر اسم> رحمه الله تعالى.
قال: حدثنا أبو الطيب اسم> قال: حدثنا علي بن داود اسم> قال: حدثنا عبد الله بن صالح اسم> قال: حدثنا ابن لهيعة اسم> عن قيس بن الحجاج اسم> عمن حدثه قال: لما فتحت مصر اسم> أتي عمرو بن العاص اسم> رضي الله عنه تعالى عنه حين دخل يوم من أشهر العجم فقالوا: يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال: لهم وما ذاك قال: إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال له: عمرو اسم> رضي الله عنه: إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام وإن الإسلام يهدم ما كان قبله. فأقاموا يومهم والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء.
فلما رأى ذلك عمرو اسم> رضي الله عنه كتب إلى عمر بن الخطاب اسم> رضي الله عنه بذلك فكتب: أن قد أصبت بالذي فعلت وإن الإسلام يهدم ما كان قبله، وبعث بطاقة في داخل كتابه وكتب إلى عمرو اسم> رضي الله عنهما: إني قد بعثت إليك بطاقة في داخل كتابي إليك فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر اسم> رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص اسم> رضي الله عنه أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر اسم> رضي الله عنه أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر اسم> أما بعد، فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله -عز وجل- يجريك فأسال الله الواحد القهار أن يجريك قال: فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر اسم> للجلاء منها لأنه لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله -عز وجل- ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله -عز وجل- تلك السنة السوء عن أهل مصر اسم> إلى اليوم.
وقال رحمه الله تعالى: صفة من آخر الخلق وسعة الأرض.
قال: حدثنا أبو العباس الهروي اسم> قال: حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري اسم> ويحيى بن حكيم اسم> قالا: حدثنا أبو عباد عبيد بن واقد اسم> قال: حدثني محمد بن عيسى بن كيسان الهذلي اسم> قال: حدثنا محمد بن المنكدر اسم> عن جابر اسم> عن عمر اسم> رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> خلق الله -عز وجل- ألف أمة منها ستمائة في البحر وأربعمائة في البر رسم> .
قال: حدثنا الهروي اسم> قال: حدثنا عبيد الله اسم> قال: حدثنا نوح بن قيس الحداني اسم> قال: سمعت عون بن أبي شداد اسم> يقول: إن لله تعالى أرضا بيضاء نورها بياضها خلف مسقط الشمس فيها قوم ما يشعرون أن الله -عز وجل- عصي في أرض.
قال: حدثنا الهروي اسم> قال: أخبرنا العباس بن الوليد اسم> قال: أخبرني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر اسم> عن عبدة بن أبي لبابة اسم> أنه حدثه: أن الدنيا سبعة أقاليم فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد.
قال: حدثنا الهروي اسم> قال: أخبرني العباس بن الوليد اسم> قال: أخبرني أبي قال: حدثني الأوزاعي اسم> قال: حدثنا حسان اسم> قال: يأجوج ومأجوج أمتان أمتان في كل أمة أربعمائة ألف لا تشبه أمة أمة ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده.
قال: حدثنا الهروي اسم> قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكيم اسم> قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الكعبي اسم> قال: حدثنا أبي عن حرملة بن عمران التجيبي اسم> عن أبي قبيل اسم> عن عبد الله بن عمرو اسم> رضي الله عنهما أنه قال: خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة اسم> والمدينة اسم> واليمن اسم> والصدر مصر اسم> والشام اسم> والجناح الأيمن العراق اسم> وخلف العراق اسم> أمة يقال لها: واق وخلف واق أمة يقال لها: وقواق وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله -عز وجل- والجناح الأيسر السند اسم> وخلف السند اسم> الهند اسم> وخلف الهند اسم> أمة يقال لها: ناسك وخلف ناسك أمة يقال لها: منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله -عز وجل- والذنب من دار الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب.
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي اسم> قال: حدثنا سهل بن عثمان اسم> عن المحاربي اسم> عن أبي إسحاق اسم> عن جبلة اسم> عن مغيث بن امرأة تبيع اسم> قال: الأرض ثلاثة أنواع ثلث فيها الشجر والنسيم، وثلث البحور، وثلث قاع صفصف ليس فيها نبت ولا نسيم، والخلق ثلاثة السمك ثلث والنمل ثلث وسائر الخلق ثلث.
قال: حدثنا المصاحفي اسم> قال: حدثنا ابن البراء اسم> قال: حدثنا عبد المنعم اسم> عن أبيه عن وهب اسم> عن كعب اسم> رحمه الله تعالى قال: إن الله -عز وجل- خلق الخلق ثم جزأه على عشرة أجزاء فجعل بني آدم جزءا والجن تسعة أجزاء وبني آدم ويأجوج ومأجوج والجن جزءا والكروبيون تسعة أجزاء، وملائكة الشدة جزءا وملائكة العذاب وملائكة الغضب جزءا وملائكة الرحمة تسعة أجزاء، وبنو آدم ويأجوج ومأجوج والجن والكروبيون وملائكة الشدة وملائكة العذاب وملائكة الغضب وملائكة الرحمة جزءا، وخزان الجنة تسعة أجزاء وبنو آدم والجن والكروبيون وملائكة الشدة وملائكة العذاب وملائكة الغضب وملائكة الرحمة وخزان الجنة جزءا، والروح تسعة أجزاء ثم قرأ عليهم كعب اسم> رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قرآن> رسم> وقرأ رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا قرآن> رسم> وقال: رسم> وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ قرآن> رسم> أي حجة على الخلق كلهم.
قال نوف اسم> يا أبا إسحاق اسم> يقول الله -عز وجل- رسم> وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ قرآن> رسم> وقد حدثتنا بعدة جنوده فضحك كعب اسم> وقال: ما هذا الذي ذكرت في جنوده هيهات فأين قوله: رسم> وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ قرآن> رسم> وقد خلق خلقا لا يعلمهم إلا هو فوق هذا الخلق الأعلى، وخلق خلقا لا يعلمه إلا هو تحت هذا الخلق الأسفل، وخلق خلقا لا يعلمهم إلا هو في الهواء بين السماء وما لا نعلم أكثر وأكثر وذكر وهب اسم> رحمه الله تعالى: أن الله -عز وجل- يجمع يوم القيامة ولد آدم إنسهم وجنهم ويأجوج ومأجوج والجن والشياطين فيكونون بنو آدم وأهل السماء الدنيا كلهم جزءا واحدا، ويكون أهل سماء الدنيا تسعة أجزاء، ثم يضم أهل السماء الدنيا إلى أهل السماء الثانية وإلى أهل الأرض وإنسها وجنها وشياطينها ويأجوجها ومأجوجها، ثم يقيسهم بأهل الثانية بجميع ما فيها وأهل الأرض بجميعهم وجزءا واحدا، ويكون أهل سماء الثالثة تسعة أجزاء, ثم على هذا الحساب حتى ينتهي ذلك إلى السماء السابعة فتبارك الذي أحصى عددهم وأسماءهم وأرزاقهم وأعمارهم وقوتهم وحياتهم ومنقلبهم ومثواهم.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب اسم> قال: حدثنا أبو حاتم اسم> قال: حدثنا هشام بن خالد الأزرق اسم> قال: حدثنا الوليد اسم> عن الفرات بن الوليد اسم> عن مغيث اسم> عن تبيع اسم> في قول الله -عز وجل- رسم> رَبُّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> قال: العالمين ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر.
قال: حدثنا أبو علي المصاحفي اسم> قال: حدثنا ابن البراء اسم> قال: حدثنا عبد المنعم اسم> عن أبيه عن وهب اسم> -رحمه الله تعالى- إن لله تبارك وتعالى ثمانية عشر ألف عالم الدنيا، منها عالم واحد وإن الله -عز وجل- خلق في الأرض ألف أمة سوى الإنس والجن والشياطين ويأجوج ومأجوج أربعمائة في البر وستمائة في البحر.
قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود اسم> قال: حدثنا عباس بن الوليد اسم> أخبرني أبي عن الأوزاعي اسم> عن حسان بن عطية اسم> قال: عراة الحبشة اسم> أكثر من هذه الأمة، والله أعلم.
هذه من العبر والآيات التي يلفت الله تعالى أنظار العباد إليها ليأخذوا منها موعظة وذكرى؛ فمن ذلك خلق هذه الأرض وجعل منها أكثرها ماء مستويا على الأرض، وهو هذه البحار ممتدة قد غطت أكثر الأرض، وجعل منها هذا الجزء الذي هو بارز ليس عليه هذا الماء، ثم جعل هذا الماء الذي هو ماء البحر ملحا أجاجا، وأجرى أيضا فوقها أنهارا عذبة تشربها أو يشربها الإنسان وتسقى بها الدواب وتسقى بها الأشجار، وأخبر تعالى بأنهما لا يختلطان, قال الله تعالى: رسم> وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ قرآن> رسم> العذب الفرات هو الحلو العذب والملح الأجاج هو المالح الشديد المرارة وكل منها على وجه الأرض وقال تعالى: رسم> مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا قرآن> رسم> أخبر بأنه جعل بين البحرين حاجزا لا يختلط هذا بهذا قد يمشي العذب الفرات إلى جانب الملح الأجاج، ومع ذلك لا يمتزج به ولا يختلط بقدرة الله سبحانه وتعالى.
لا شك أن هذا من آيات الله العجيبة وأخبر بأنه سخر هذا البحر وهو الذي سخر البحر لتجري الفلك فيه بأمره؛ الفلك السفن تجري فوق هذا الماء وتحمل الأمتعة ويركبها الناس من جانب إلى جانب ويحملون فيها ما يحتاجون إليه، هذا بلا شك تقدير الله تعالى يقول: رسم> وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ قرآن> رسم> وجعل في هذا البحر عجائب من المخلوقات، وجعل فيه أيضا جواهر قال تعالى: رسم> لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ قرآن> رسم> رسم> لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا قرآن> رسم> يستخرج من البحر جواهر ولؤلؤا وزبرجد وحلية من أنواع ما يتحلى به مما له قيمة رفيعة، كل ذلك في هذا البحر.
وأما الماء العذب فإنه جعله لأجل أن يسقي الناس منه أشجارهم ودوابهم ويشربون منه ويعيشون عليه ومن ذلك هذا النيل الموجود في مصر اسم> المشهور ورد في حديث في الصحيح أن: رسم> أربعة أنهار في الدنيا من الجنة؛ النيل والفرات وسيحون وجيحون رسم> هكذا جاء في هذا الحديث فالنيل في مصر اسم> والفرات في العراق اسم> والبقية حيث شاء الله تعالى، هذه الأنهار ذكر أنها من أنهار الجنة هذا الأثر الذي مر بنا عن هذا الرجل الذي نذر أن يمشي يتبع مجرى النيل إلى أن ينظر من أين ينبع، ومن أين خرج. القصة فيها ضعف ويمكن أنها مكونة لا تثبت، النيل قد ذكر أنه يجري من جبال في الجانب الجنوبي من مصر اسم> أو قريب من السودان اسم> وأن تلك الجبال ينزل عليها الماء المطر، ويكون فيها مستودعات تمتلئ من الماء ثم تفيض وتنزل، ولا مانع من أن يكون ذلك من أنهار الجنة؛ أي أن هذا الماء الذي ينزل على تلك الجبال ثم ينزل مع ذلك المجرى الذي هو مجرى النيل أنه من أنهار الجنة أو من ماء الجنة كما يشاء الله تعالى أجراه بحكمته ولو شاء لأوقفه، وكذلك أيضا الفرات له أيضا أماكن يجري منها يعني ينزل من السماء على أماكن مرتفعة، وتكون كمستودعات تمتلئ من مطر السماء الذي هو ماء عذب، ثم بعد ذلك ينزل من تلك المرتفعات ويجري مع ذلك المكان يجري إلى أن يصل إلى حيث شاء الله تعالى فيتلقاه الناس ويشربون ويصرفونه.
وهكذا كثير من الأنهار كنهر دجلة أيضا في العراق اسم> وغيره من الأنهار التي يجريها الله تعالى من حيث يشاء وفيها مصالح للعباد وفيها منفعة عظيمة لا يعرف قدرها إلا من انتفع بها، ثم سمعنا أيضا قصة أهل مصر اسم> أولا قبل الإسلام لما فتحت مصر اسم> في أول عهد عمر اسم> رضي الله عنه، وكان الذي فتحها عمرو بن العاص اسم> جاء إليها بجيش من المسلمين، ولم يكن هناك مقاومة ولا قتال فدخلها بدون مقاومة وأسلم أهلها ثم إنهم لما أسلموا تمكن الإسلام منهم، ولما جاء الوقت الذي يعرفونه قالوا لعمرو بن العاص اسم> إن لهذا النيل عادة نتبعها لا بد منها، ما هي هذه العادة؟ قالوا: نأخذ جارية يعني امرأة بكرا من بين أبويها ونرضي أبويها، ونلبسها حللا وحليا وزينة ونرمي بها في هذا الماء فإذا رمينا بها سار ومشى واستمر مشيه، وإذا لم نفعل توقف هذا النيل ولما أخبروا عمرو بن العاص اسم> قال: إن هذا لا يجوز في الإسلام وذلك لأنه يعتبر تقربا إلى غير الله تقربا بهذه المرأة البريئة إلى هذا الماء، فلما لم يوافقهم على ذلك توقف جريانه بإذن الله.
وقد تقول لماذا؟ الجواب: أن هذا ابتلاء وامتحان من الله ابتلاء منه، وأيضا يمكن أن يكون الشيطان له حيلة في ذلك، فالشياطين لها حيل فيمكن أن الشياطين حبسوا مجاري ذلك الماء حتى يشركوا بهذا الشرك كأن أهل مصر اسم> قبل الجاهلية يعبدون الشياطين ويعبدون ذلك الماء فيذبحون له أو يلقون فيه هذه المرأة البريئة حتى يخلي الشيطان مجراه فينفتح ويجري فتنة وابتلاء لما لم يلقوا فيه الجارية وقف وبقي لا يجري منه قطرة، أهل مصر اسم> يعيشون على هذا النيل يفضلونه على أموالهم وعلى حروثهم وعلى أشجارهم وعلى آبارهم، ومنه يشربون ومنه يسقون دوابهم ومنه يسقون حروثهم، ولما توقف تضرروا بذلك حتى كادوا أن ينتقلوا إلى بلاد أخرى؛ لأن بقاءهم بإذن الله على هذا الماء ولما علم بذلك عمرو بن العاص اسم> كتب إلى عمر بن الخطاب اسم> رضي الله عنه يخبره بهذه القصة وبهذا الأمر فمدحه وأثنى عليه عمر اسم> وشجعه على قطع هذه العادة الجاهلية، وأرسل إليه بطاقة صغيرة مكتوب فيها من عبد الله عمر بن الخطاب اسم> أمير المؤمنين إلى نيل مصر اسم> أما بعد، فإن كنت تجري من نفسك فلا حاجة لنا فيك، وإن كان الله هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك. أمر عمرو بن العاص اسم> أن يلقي هذه البطاقة في ذلك الماء في ذلك النيل ولما ألقاها انقطعت حيل الشيطان، وأجرى الله ذلك الماء وأصبحوا في صبح ذلك اليوم، وقد ازداد جريانه ستة عشر ذراعا يعني زيادة على ما كان عليه فانقطعت تلك العادة هذا من الابتلاء، وذلك أن الشيطان قد يكون له حيلة في إيقاف تلك العيون حتى لا تنبع بحيله.
يذكرون ذلك كثيرا يذكرون لنا قوما أنهم حفروا بئرا وعجزوا عن أن يدركوا منها الماء فعند ذلك دعوا الله تعالى وطلبوا منه وقرءوا فيها فانفجرت العيون، وذكر لنا أن عيونا كانت في الأحساء اسم> كانت تتوقف أحيانا وكان الرافضة الذين هناك في ليلة كل جمعة يذبحون عندها كبشا فيقولون: إن ذلك سبب لجريانها وأنهم إذا لم يفعلوا توقف جريانها ابتلاء وامتحانا، ولما استولت الحكومة وفتحت الأحساء اسم> وما حوله انقطعت تلك العادة، وانقطع ذلك الشرك وأصبحت العيون تنبع كما شاء الله إلى أن غارت المياه في هذه الأزمنة بسبب قلة الأمطار ونحوها.
وبكل حال.. فإن هذا دليل على أن هذه العيون وهذه الأنهار تجري بأمر الله، وأنه هو الذي يسيرها إذا شاء ويوقفها إذا شاء.
مسألة>